
شرحنا في المره التي مضت أن الأرض كالأساس والسماء كالسقف فوقها ،والأن سنتطرق إلى شكل الأرض والسماء من القرآن (أصدق العلوم).
نبدأ بالأساس (الأرض):
يقول الله تعالى:
﴿وَإِلَى ٱلۡأَرۡضِ كَیۡفَ سُطِحَتۡ﴾ [الغاشية ٢٠]
الطبري:
وقوله: ﴿وَإِلَى الأرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ﴾
يقول: وإلى الأرض كيف بُسطت، يقال: جبل مُسَطَّح: إذا كان في أعلاه استواء.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
طبعاً، ما قاله الطبري بخصوص تفسير هذه الآية يخالف كون الأرض كرة لأن الكرة سطحت بشكل محدود جداً(لو كانت في غاية العظمة لكان كل جزء منها كالسطح) أما الجبل الذي في أعلاه إستواء مسطح ومستوي بالكامل وليس بشكل جزئي مثل الكرة، وقال الجلالين في تفسيرهما:
﴿وإلى الأَرْض كَيْف سُطِحَتْ﴾ أيْ بُسِطَتْ، فَيَسْتَدِلُّونَ بِها عَلى قُدْرَة اللَّه تَعالى ووَحْدانِيّته، وصُدِّرَتْ بِالإبِلِ لِأَنَّهُمْ أشَدّ مُلابَسَة لَها مِن غَيْرها، وقَوْله: ” سُطِحَتْ ” ظاهِر فِي أنَّ الأَرْض سَطْح، وعَلَيْهِ عُلَماء الشَّرْع، لا كُرَة كَما قالَهُ أهْل الهَيْئَة وإنْ لَمْ يَنْقُض رُكْنًا مِن أرْكان الشَّرْع.
وقال الله تعالى:
﴿وَٱلۡأَرۡضَ مَدَدۡنَـٰهَا وَأَلۡقَیۡنَا فِیهَا رَوَ ٰسِیَ وَأَنۢبَتۡنَا فِیهَا مِن كُلِّ شَیۡءࣲ مَّوۡزُونࣲ﴾ [الحجر ١٩]
قال القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) في تفسير الآية:
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَالْأَرْضَ مَدَدْناها﴾ هَذَا مِنْ نِعَمِهِ أَيْضًا، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَسَطْنَاهَا عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، كَمَا قَالَ” وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها(١) “أي بَسَطَهَا. وَقَالَ:” وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ(٢) “. وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا كَالْكُرَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ(٣).
وقال الشوكاني (فتح القدير):
﴿والأرْضَ مَدَدْناها﴾ أيْ بَسَطْناها وفَرَشْناها كَما في قَوْلِهِ: ﴿والأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحاها﴾ [النازعات: ٣٠] وفي قَوْلِهِ: ﴿والأرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الماهِدُونَ﴾ [الذاريات: ٤٨] وفِيهِ رَدٌّ عَلى مَن زَعَمَ أنَّها كالكُرَةِ
وقال الماوردي (النكت والعيون) في تفسير آية:
﴿وَهُوَ ٱلَّذِی مَدَّ ٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ فِیهَا رَوَ ٰسِیَ وَأَنۡهَـٰرࣰاۖ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَ ٰتِ جَعَلَ فِیهَا زَوۡجَیۡنِ ٱثۡنَیۡنِۖ یُغۡشِی ٱلَّیۡلَ ٱلنَّهَارَۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ﴾ [الرعد ٣]
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأرْضَ﴾ أيْ بَسَطَها لِلِاسْتِقْرارِ عَلَيْها، رَدًّا عَلى مَن زَعَمَ أنَّها مُسْتَدِيرَةٌ كالكُرَةِ
وقال الإمام أبو حيان في كتابة (البحر المحيط) في تفسير آية:
﴿وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ بِسَاطࣰا﴾ [نوح ١٩]
(بِساطًا) تَتَقَلَّبُونَ عَلَيْها كَما يَتَقَلَّبُ الرَّجُلُ عَلى بِساطِهِ. وظاهِرُهُ أنَّ الأرْضَ لَيْسَتْ كُرَوِيَّةً، بَلْ هي مَبْسُوطَةٌ
وقال الثعالبي (الجواهر الحسان) :
﴿وَإِلَى ٱلۡأَرۡضِ كَیۡفَ سُطِحَتۡ﴾ [الغاشية ٢٠]
وظاهرُ الآية أنّ الأرْضَ سَطْحٌ لا كرةٌ(٣) ، وهو الذي عليه أهلُ العلم.
وقال إبن عطية (المحرر الوجيز):
﴿وَإِلَى ٱلۡأَرۡضِ كَیۡفَ سُطِحَتۡ﴾ [الغاشية ٢٠]
“سُطِحَتْ”، بِتَخْفِيفِ الطاءِ وقَرَأ هارُونُ الرَشِيدُ: “سُطِّحَتْ” بِشَدِّ الطاءِ عَلى المُبالَغَةِ، وهي قِراءَةُ الحَسَنِ، وظاهِرُ هَذِهِ الآيَةِ أنَّ الأرْضَ سَطْحٌ لا كَرَةٌ، وهو الَّذِي عَلَيْهِ أهْلُ العِلْمِ، والقَوْلُ بِكُرَوِيَّتِها -وَإنْ كانَ لا يَنْقُصُ رُكْنًا مِن أرْكانِ الشَرْعِ- فَهو قَوْلٌ لا يُثْبِتُهُ عُلَماءُ الشَرْعِ.
وغيرهم….
والآن ننتقل للسقف:
السماء قبة وهناك الكثير من قال بهذا وطبعاً القبة لا يمكن أن تكون سقف لكرة لأن القبة هي نصف كرة فلو كانت السماء قبة على أرض كروية لغطت نصف الارض وبقي النصف الآخر بدون سماء، وإليكم بعض من قال بتقبب السماء:
الطبري:
٤٧٨- كما حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السُّدّيّ في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس – وعن مُرَّة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي ﷺ:”والسّماء بناء”، فبناءُ السماء على الأرض كهيئة القبة، وهي سقف على الأرض.(٨)

ابن كثير:
وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا ۖ وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32)
وقوله : (وجعلنا السماء سقفا) أي: على الأرض وهي كالقبة عليها.

الشوكاني:
﴿والسَّماءَ بِناءً﴾ [البقرة: ٢٢] قالَ كَهَيْئَةِ القُبَّةِ وهي سَقْفُ الأرْضِ
أبو السعود:
﴿والسَّماءَ بِناءً﴾: عَطْفٌ عَلى المَفْعُولَيْنِ السّابِقَيْنِ؛ وتَقْدِيمُ حالِ الأرْضِ لِما أنَّ احْتِياجَهم إلَيْها وانْتِفاعَهم بِها أكْثَرُ؛ وأظْهَرُ؛ أيْ جَعْلَها قُبَّةً مَضْرُوبَةً عَلَيْكُمْ
الإيجي:
والسَّماءَ بِناءً﴾: قبة مضروبة عليكم.
جلال الدين السيوطي:
﴿والسَّماءَ بِناءً﴾ قالَ بَنى السَّماءَ عَلى الأرْضِ كَهَيْئَةِ القُبَّةِ وهي سَقْفٌ عَلى الأرْضِ
إبن ابي حاتم الرازي:
﴿والسَّماءَ بِناءً﴾ فَبِناءُ السَّماءِ عَلى الأرْضِ كَهَيْئَةِ القُبَّةِ وهي سَقْفٌ عَلى الأرْضِ ورُوِيَ عَنْ قَتادَةَ نَحْوُ ذَلِكَ
البيضاوي :
والسَّماءَ بِناءً﴾ قُبَّةٌ مَضْرُوبَةٌ عَلَيْكم.
البغوي:
﴿وَالسَّمَاءَ بِنَاءً﴾ سَقْفًا كَالْقُبَّةِ.
وغيرهم من الصحابة والتابعين والمفسرين إلخ……
وطبعاً هذا القبة مرفوعة بعمد
وهناك من يقول أنها مرفوعة على جبل يحيط بالأرض يسمى (قاف) ،وهناك من يقول أنها عمد بدون توضيح ماهو هذا العمد ولكن أكثر الأقوال جائت بأن السماء لها عمد، بعض تلك الأقوال:
٢٠٠٥١- حدثنا أحمد بن هشام قال: حدثنا معاذ بن معاذ قال: حدثنا عمران بن حدير، عن عكرمة قال: قلت لابن عباس: إن فلانًا يقول: إنها على عمد = يعنى السماء؟ قال: فقال: اقرأها ﴿بغير عمَدٍ ترونها﴾ : أي لا ترونها.
٢٠٠٥٣- حدثنا الحسن بن محمد قال: ثنا عفان قال: حدثنا حماد قال: حدثنا حميد، عن الحسن بن مسلم، عن مجاهد في قوله: ﴿بغير عمد ترونها﴾ ، قال: بعمد لا ترونها.
٢٠٠٥٤- حدثني المثنى قال: حدثنا الحجاج قال: حدثنا حماد، عن حميد، عن الحسن بن مسلم، عن مجاهد، في قول الله: ﴿بغير عمد ترونها﴾ قال: هي لا ترونها(٢) .
٢٠٠٥٥- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿بغير عمد﴾ يقول: عمد [لا ترونها] .(٣)
٢٠٠٥٧-…… قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الحسن وقتادة قوله: ﴿الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها﴾ قال قتادة: قال ابن عباس: بعَمَدٍ ولكن لا ترونها.
٢٠٠٥٨- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قوله: ﴿رفع السموات بغير عمد ترونها﴾ قال: ما يدريك؟ لعلها بعمد لا ترونها.
وكل هذا من كتاب الطبري(جامع البيان)
الملخص:
(الكون) كالبيت الكبير الأرض هي أرض هذا البيت والسماء مرفوعة فوقها بعمد لا ترى.