تناقض آراء جماعة الأرض المسطحة

منذ أن يسمع شخص ما بـ “الأرض المسطحة” يتساءل كثيرًا، لكن عندما يرى آراء هؤلاء الذين يسمون بـ “جماعة الأرض المسطحة” ويرى الاختلاف الكبير بينهم يستدل بذلك على ضعف موقفهم، فمنهم من يقول أن السماء قبة، وآخر يقول أنها سقف مستوي، وهناك من يقول أن الأرضين السبع تحت بعض، وهناك من يقول أن الأرضين منبسطة، وهناك من يقول بأن القمر كروي وهناك من يقول إنه نصف كرة، وهناك من يقول إن القمر عاكس وهناك من يقول إنه منير بذاته، وهناك من يقول إن سقوط الأجسام بسبب الكثافة والأوزان وهناك آراء تقول إنه بسبب الكهرومغناطيسية، وهناك تفسيرات مختلفة حول منازل القمر هل هو بتآكله أم باختلاف موقع القمر بين المدارات؟ على العموم كل ما ذكر سابقًا هي مجموعة من الأفكار التي يختلف حولها المؤمنين بسطحية الأرض.

ولكن مهلًا لحظة! هل اختلافهم في الآراء سبب وجيه لرفض حقيقة الأرض المسطحة؟ لا طبعًا، لأننا لو سنعتبر بهذا المقياس سنجد أنفسنا في النهاية لا نعرف الصواب من الخطأ! ولن نعرف من هو الذي على حق ومن هو الذي على باطل لأن كل دين، أو فكرة، أو طائفة، أو فئات، أو أشخاص، أو ذوي هوايات حتى، سنجد فروقات بين منسوبيها لدرجة لا يمكن حصرها!

على سبيل المثال، لديك دين الإسلام، الإسلام فيه طوائف تنسب نفسها إليه، فمثلًا هناك من يدعون بـ “أهل السنة والجماعة” وهناك آخرون خرجوا ببدع مثل الشيعة، وآخرون يملكون اعتقادات خاطئة مثل الأشاعرة، والقدرية والجبرية، لا سيما آخرون لا يعتبرون مسلمين مثل الخوارج، ومذاهب أخرى لا تعد ولا تحصى، ولكن أي مذهب من بينهم نعتبره هو الأصوب؟ نرده مباشرة لله عزوجل، وللرسول صلى الله عليه وسلم، ومن يحكم بما قاله الله ورسوله ولم يخرج عنه هو من يكون على الصواب تمامًا، وهكذا يُعرف الحق الواحد بين الباطل المتعدد.

ولكن هل هذا فقط هو المثال الذي أدرجه؟ ليس بعد، هناك أمثلة كثيرة لفئات تختلف في الآراء، فلديك النصارى فيهم من يقول بالثالوث وفيهم من يقول بالتوحيد، لديك من الملحدين من ينفي وجود إله وفيهم من يؤمن بوجوده ولكن لم يصلنا شيء صحيح منه، ولكن بطبيعة الحال، فلا يمكن للنصراني الاحتجاج بهذا كعذر كون أن كتبه منقطعة الأسانيد مليئة بالتحريف وهي في دائرة النسخ والتحريف، والملحدين لا يمكنهم اعتبار هذا حجة على مصداقيتهم كونهم خالفوا العقل ومبدأ السببية واللامنطقية بين أفكارهم.

طبعًا، فمن باب أولى كان يجب الحديث عن الطرف الذي يخالف حقيقة الارض المسطحة: المكورين، ولكن كان ينبغي أولًا ان تصل الفكرة بشكل سليم وكل ما ذكرته لم يكن سوى أمثلة لكي أبين اختلاف الناس في الآراء برغم اتفاقهم على أساس، وليس لمقارنة أو لتبرئتهم من ضلالهم.

فالمكورين يقولون دائمًا جملة حفظتها في رأسي “تريد مني أن استمع لك وأترك ابن باز وابن عثيمين والألباني وابن تيمية؟” ولا ننسى جملة معروفة “إجماع علماء المسلمين”، ولنفرض أن إجماع علمائهم صحيح، فهم لماذا يحتجون به في كروية الأرض بينما لا يأخذون بإجماع المسلمين على ثبات الأرض؟ سيقولون “لم يكونوا يعرفون” لكن مهلًا أنت أخذت إجماعهم واعتبرت كلامهم حجة إذًا لماذا لا تعتبر إجماع ثبات الأرض حجة؟ إذا أنت بكل بساطة تخالفهم، فهم قالوا كرة ثابتة وأنتم قلتم كرة دوارة، وهناك منهم من يقول علمائكم لم يقولوا شيئًا عن قبة أو جدار جليدي إذا على ماذا قام كلامكم؟، ونفس الشيء أقوله لهم: علمائكم قالوا ثابتة، ولم يأتوا بمزاعم الفضاء أو السكن على القمر أو المريخ، وهذا يثبت على نفس نهجهم أنهم على نهج زيغ، وتناقض، وهل هذا فقط الذي يناقضونه؟ لا طبعًا.

هناك أيضًا علماء آخرون خرجوا بأقوال تنفي نظريات كونية ذات قوة في نموذج كرة تدور في فضاء واسع يتسع، فعندك عالمة تسمى بـ”سبوتلر” خرجت لتنقض قانون الجذب العام لنيوتن، بالأصح، نقض تجربة كافندش وكيف أن هذه التجربة لا يمكن الاعتماد عليها، كون أن جذب الكرات كان بفعل كهرباء سكونية، برغم ذلك تم رفض ما أتت به، وهناك عالم آخر يسمى بـ”دولار” قال إن الشمس لا تحرق شيئًا، فقط تحول الطاقة، ولا يبدو أن كلامه مهم لأحد، أيضًا لا ننسى خروج العالم الفلكي “هالتون ارب” والذي نقض أساسين كونيين وهو الانفجار العظيم وتوسع الكون، برغم اكتشافه الذي قام على حجة ظاهرة إلا أنه تمت محاربته وتهميشه إلى أن أصبح اسمًا لا يكاد يعرف به، وأستطيع القول بكل بساطة أن هؤلاء لا يؤمنون البتة بالأرض المسطحة ولا يعرفونها أبدًا لكنهم فقط خرجوا لنقض أمور لا تقوم على دليل بواسطة دليل، والبحث عن تفسيرات مقبولة قائمة على حجة ودليل لا مجرد تفسير.

هناك أيضًا جماعة مِمَن يؤمنون بكروية الأرض ألفوا كتابًا بعنوان “الكون الكهرومغناطيسي”، يقوم على نقض تفسيرات ونظريات كونية فلكية مثل الجاذبية والانفجار العظيم ونجوم الشموس والمسافات الخيالية والثقوب السوداء، الكتاب ليس مترجمًا بحد علمي، لكن هؤلاء يملكون رأي وهم يؤمنون بكروية الأرض، فلماذا أيضًا يتم تهميشهم وهم أتوا بأدلة وحجج؟، لا ننسى أيضًا أن هناك كثيرًا من العامة وليس واحد أو إثنين بل كُثُر قالوا إن الصعود على القمر كذبة محبوكة فقط، وهم يؤمنون بكروية الأرض، إذًا لم يكن هذا تناقضًا فأين هو التناقض فيهم؟

الخلاصة

اختلاف الآراء والاتفاق على الأساس شيء طبيعي جدًا بين البشر، ألم يلاحظ شخص منكم أن البشر مختلفين في الأمور التافهة التي لا تذكر فما بالكم في أمور كبيرة مثل هذه؟، الصواب والخطأ يحدد مِمَن يملك الدليل والحجة والمنطق لا الرأي وقول الأكثرية، فلذلك أيًا كانت الفئة، سواء جماعة الأرض المسطحة أو غيرها، كما يسمونهم الناس، لابد أن تحاججهم بدليل تنقض فكرتهم من الأساس كما وضحت بطلان عقيدة النصارى والملحدين، لا من مجرد اختلاف في آرائهم، فالاختلاف موجود حتى بين المذاهب الفقهية الأربعة، فما بالك في غيرهم؟ نعيد ونكرر، الصواب فقط في الحجة والدليل، وهنا يعرف الحق والباطل، أسأل الله العظيم أن يدلنا على طريق الصواب طريق السراط المستقيم وأن يهدينا سبيل الرشاد.

كان معكم اخوكم أيمن، إن أصبت فمن الله، وإن أخطات فمن نفسي ومن الشيطان.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

MegaArchive4sharedDropBoxGoogleDrivescribd

One comment

  1. مقال رائع أخي أيمن، من يحتج باختلاف آراءنا يتغافل عن أقوال المكورين أنفسهم؛ فمنهم من يقول أنها بيضاوية ومنهم من يقول أنها مفلطحة أو كمثرية! وتناقضهم هذا في محاولة منهم لتفسير سبب أن مدار الجدي أكبر من مدار السرطان. كذلك خرجت فئة منهم تقول أن الأرض مجوفة لتفسير الأراض المخفية التي اكتشفت ما وراء أنتاركتيكا. ومنهم من يقول بدوران الأرض”الكروية” ومنهم من يقول بدورانها.

    إعجاب

اترك تعليقًا